“مسرحية الصواريخ”: مناورات حرس النظام الإيراني تكشف ذعره من الشعب وليس من الخارج

0

 

تخفي الاستعراضات العسكرية الأخيرة لطهران خلفها أزمة شرعية عميقة وخوفاً متزايداً من اضطرابات وطنية شاملة. إن التصعيد الأخير لنظام الملالي، والذي يشمل طفرة مثيرة للقلق في الإعدامات وإعادة الإصرار على السياسات المتشددة مثل الحجاب الإجباري، يشير إلى حكومة لا يحركها الخوف من التهديدات الخارجية بقدر ما يحركها الذعر الداخلي.

استعراض للقوة أم محاولة للتغطية؟
في هذا السياق، تبدو المناورات الصاروخية واسعة النطاق التي أجراها حرس النظام الإيراني مجرد محاولة يائسة لصرف الانتباه عن أزمة الشرعية العميقة في الداخل، أكثر من كونها عرضاً للقوة الاستراتيجية.

أُجريت هذه المناورات في الخليج يوم 5 ديسمبر 2025، ومثلت ثاني تحرك عسكري كبير للنظام منذ حرب يونيو الماضي. ورغم أن وسائل الإعلام الحكومية صورت إطلاق عشرات الصواريخ الباليستية وصواريخ كروز كرد على “التهديدات الخارجية”، إلا أن التوقيت والنبرة يشيران إلى دافع مختلف تماماً: لقد كان عرضاً للاستهلاك المحلي، ومشهدًا يهدف إلى إظهار استقرار لا وجود له.

تفاصيل المناورات والتحذيرات الإقليمية
وفقاً للتقارير الدولية، أطلق حرس النظام الإيراني صواريخ كروز من طراز “قدر-110″، و”قدر-380″، و”قدر-360″، بالإضافة إلى الصاروخ الباليستي “303” من داخل إيران باتجاه بحر عمان. وتزامناً مع ذلك، نفذت الطائرات المسيرة ضربات محاكاة على قواعد وهمية للعدو، حيث بدأت المناورات بالقرب من مضيق هرمز الحساس.

كما نظم حرس النظام الإيراني مناورة أخرى في محافظة أذربيجان الشرقية تحت شعار “مكافحة الإرهاب”، بحضور أعضاء من منظمة شنغهاي للتعاون.

تأتي هذه التحركات وسط توتر سياسي متصاعد، حيث أفادت تقارير إقليمية بأن المبعوث الأمريكي توم باراك أبلغ رئيس الوزراء العراقي بأن إسرائيل تستعد لعملية تهدف لنزع سلاح حزب الله بالكامل. كما حذر من أنه إذا تدخلت الميليشيات المدعومة من طهران في العراق، فإن إسرائيل ستضرب أهدافاً على الأراضي العراقية.

الواقع الداخلي: جيش مفكك ونظام مرعوب
على الرغم من ضجيج الحرب الذي يحيط به النظام نفسه، يرسم “معهد دراسة الحرب” صورة مختلفة تماماً، مشيراً إلى أن إيران تواجه تحديات داخلية حادة بينما تحاول إعادة بناء قدراتها العسكرية المتضررة بعد الخسائر الفادحة التي تكبدتها في صراع يونيو.

وتشير التقارير إلى تصاعد الفوضى وانعدام الثقة والخوف من الاختراق الأجنبي داخل الهياكل العسكرية والأمنية. ويبدو أن هذا القلق الداخلي العميق – وليس أي تهديد خارجي موثوق – هو المحرك الحقيقي وراء المواقف العسكرية المتشددة لطهران.

في الداخل، وبدلاً من السعي للتماسك الوطني المفقود، ضاعف النظام من قمعه عبر تسجيل مستويات قياسية في الإعدامات والقمع الأيديولوجي كأدوات رئيسية للبقاء. كما أن تراجع النظام المفاجئ عن خطط رفع أسعار البنزين يفضح خوفه الحقيقي: ليس من الأعداء الخارجيين، بل من انتفاضة نابعة من الداخل. فالنظام يدرك تماماً أن المجتمع اليوم أكثر قابلية للاشتعال، وأن ارتفاع أسعار الوقود قد يكون الشرارة كما حدث سابقاً.

يمكن للتهديدات الخارجية أن تدمر الصواريخ والقواعد والبنية التحتية، لكن التهديدات الداخلية تضرب وجود الطبقة الحاكمة ذاته. لذا، فإن استعراض صواريخ حرس النظام الإيراني يُفهم بشكل أفضل ليس كمناورة استراتيجية، بل كمناورة سياسية: محاولة لإخفاء الضعف بلغة القوة. خلف هدير الصواريخ تكمن حقيقة بسيطة: النظام لا يستعد لحرب في الخارج، بل يستعد لمواجهة انتفاضة في الداخل.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

الاسطورة تويتر _ الاسطورة الجديد _ العمدة سبورت _ ترددات القنوات _ سعر الدولار اليوم