باريس تجمع “تواصل الأجيال”… والبديل الديمقراطي في إيران يكبر
باريس – 25 تشرين الأوّل/أكتوبر 2025 —
احتضنت باريس وعدّة مدن أوروبية فعالية «تواصل الأجيال في معركة الحرية» بمشاركة شبّانٍ من داخل إيران والجاليات، في رسالةٍ مفادها أنّ الجيل الشابّ المتمرّد هو القوة الحاسمة تنظيماً وتضحيةً، وأنّ البديل الديمقراطي موجود وينمو. وقد شدّدت السيدة مريم رجوي، الرئيسة المنتخبة للمقاومة الإيرانية، في كلمتها أمام مؤتمر باريس أنّ لحظة إسقاط نظام الملالي صارت أقرب من أيّ وقتٍ مضى، مع تزايد زخم الاحتجاجات وتراكم خبرات «وحدات الانتفاضة» وتنظيمها اللامركزي، وتنامي شبكة الإسناد الحقوقي والإعلامي في أوروبا.
مشهدٌ شبابي… ورسالةٌ سياسية واضحة
منصّة باريس قدّمت صورةً مركّبة: تواصل أجيالٍ تنظيمي بين شاباتٍ وشبّان في الداخل، وأجيالٍ أقدم كوّنت خبرتها عبر عقود مواجهةٍ ضدّ نظامين ديكتاتوريين؛ دعمٌ من الشتات يوفّر منصّةً آمنة وصوتًا دوليًا؛ وتلاقي مطالب المعيشة والكرامة مع خطابٍ سياسيّ واضح حول الانتقال الديمقراطي. التحية وُجّهت إلى مقاتلي وحدات المقاومة في الداخل، وإلى أنصارهم في أوروبا الذين باتوا يشكّلون رافعة اتصالـية وحقوقية (وصول إلى برلمانات وإعلام ومنظمات)، بما يعزّز الحماية ويزيد كلفة القمع على السلطة.
خلاصة موسّعة من كلمة مريم رجوي
قالت رجوي إنّ «القدر يقرع الباب ويدعونا للانتفاضة من أجل الحرية»، مؤكدةً أنّ الشباب—مدعوماً بتنظيمٍ متماسك—هو القوة الحاسمة التي «توقف عجلة الرجعية وتطلق عجلة الثورة». وبحسبها، سقطت رهانات النظام وخصوم الحرية:« الإصلاح من داخل المنظومة» لم يُنقذ الشرعية، و«الحرب والتدخّل الخارجي» لم يُسقطا المعارضة، فيما تكشّفت كارثية سياسة الاسترضاء دولياً لأنها راكمت العار وفتحت أبواب نزاعات. لذا ينحصر الخيار اليوم بين استمرار ولاية الفقيه أو ثورةٍ ديمقراطية تفضي إلى جمهوريةٍ على أساس تصويت الشعب. ورفضت رجوي دعايات أنّ «المقاومة بلا قاعدة شعبية»، مؤكدةً: «لم ولن تكون قاعدتنا البسيج وواجهات الإصلاح وأجهزة الظلّ؛ قاعدتنا الشعب وجيل الحرية». وأشادت بـتواصل الأجيال داخل المقاومة—من المؤسسين والشهداء و«أشرف3» إلى آلاف الفتيات والفتيان في «وحدات الانتفاضة»—وبدور شبّان الخارج في رفد الداخل بالطاقات، والتوثيق، وكسب الشرعية الدولية. كما استحضرت انتفاضة نوفمبر/تشرين الثاني 2019 التي فجّرت نحو 200 مدينة، معتبرةً أنّ تقنيات اللامركزية وضرب مفاصل القمع باتت خبرةً متداولة يمكن البناء عليها. وعلى خلفية اتّساع موجة الإعدامات والتعذيب، أشارت إلى إضراب 1500 سجين محكوم بالإعدام بوصفه مؤشراً على تآكل الردع، مؤكدةً أنّ «كل اعتقالٍ أو حبل مشنقة هو مسمار جديد في نعش النظام». وفي رؤيتها لإيران الغد، شدّدت على فصل الدين عن الدولة، والمساواة التامّة للنساء، وحقوق الأقليات القومية والدينية، ودولة القانون والانتخاب الحرّ، داعيةً الأجيال الجديدة إلى اختيار التضحية الواعية من أجل تغيير مصير الشعب.
لماذا يخشاها النظام؟
لأنّها متعدّدة الأجيال ولا مركزية ومرتبطةٌ مباشرةً بحاجات الناس (الخبز، العمل، الكرامة). يتعذّر اختراقها أو شرذمتها بأساليب الضبط التقليدية، وتتكئ على شبكات مهنية واجتماعية (ممرّضون، معلّمون، عمّال، طلاب، متقاعدون) تجعل أيّ قمعٍ شاملٍ عالي الكلفة. ومع تكامل الحلقة الأوروبية—حقوقياً وإعلامياً—تتزايد قابلية التوثيق والمساءلة وتضيق مساحة الإنكار. وبذلك، تتراكم عناصر «انتفاضة مستدامة» لا تشبه الموجات الخاطفة، بل تتغذّى من يوميات الضيق ووعيٍ سياسيّ منظّم.
ما الذي يختلف عند انعقادها في فرنسا؟
الانعقاد في باريس يمنح شرعية دولية وحضوراً داخل مؤسساتٍ غربية، ويفتح قنوات حماية مع منظمات ترصد الاعتقال والتعذيب والإعدامات، ويوفّر رافعة اتصالية لحملات المناصرة، ما ينعكس مباشرةً داخل إيران عبر تضييق هامش الإفلات من العقاب على الجلادين. النتيجة، بحسب المنظّمين، أنّ مساحة المناورة تضيق أمام السلطة بين قمعٍ أعلى كلفةً أو تنازلاتٍ تفتح شهية الشارع.
الخلاصة: دعم الشعب والمقاومة… الطريق الواقعي
تؤكّد الفعالية الفرنسية أنّ البديل موجودٌ وينمو: قاعدة اجتماعية تتّسع، تواصل أجيال، وخطّة للانتقال الديمقراطي. وعليه، يصبح دعم المجتمع الدولي لـحقّ الإيرانيين في التغيير—ووقف الاسترضاء، وحماية السجناء السياسيين، وفرض عقوبات فردية على المنتهكين—شرطاً لازماً لوقف دورة القمع والتجويع وإطلاق انتقالٍ منظّم تقوده هذه القاعدة من طهران إلى باريس. أما في الداخل، فالمعادلة باتت واضحة: المجتمع هو الفاعل الحاسم، والشباب عموده الفقري، وساعة الاستبداد تتناقص كلما تعاظمت إرادة التنظيم والتضامن.