الحملة الظالمة ضد السوريين
ارتبطت مصر وسوريا منذ فجر التاريخ بوشائح ثقافية وآمنية واقتصادية جعلت من البلدين جزءا واحدا وشعبا واحدا فيما يحدث في دمشق يمتد صداه إلى مصر وأثبتت الأحداث التاريخية أن من يريد الاستيلاء على سوريا لابد أن يستولى على مصر حتى يتحقق له الاستقرار والعكس صحيح ومن هذا المنطلق طارد فرعون مصر الهكسوس إلى الشام حتى يتثنى له الدفاع عن مصر وفي العصر الحديث اتحدت مصر وسوريا في مواجهة الصليبيين والتتار حتى تمكنوا من دحرهم عن المشرق العربي وعندما وقع العدوان الثلاثي على مصر انطلقت الإذاعة السورية لتعلن هنا القاهرة بعد أن قصفت قوى العدوان إذاعة القاهرة وكان طبيعيا في ظل تلك الروابط أن يتحد البلدان في دولة واحدة تحت اسم الجمهورية العربية المتحدة وكان طبيعيا أن تتحد الرجعية والاستعمار لإفشال تلك الوحدة حتى تحقق لهم ما أرادوا ورغم الانفصال فإن علاقة الشعبين لم تنفصل لأن ما وصله الله لا يمكن أن ينقطع فظلت مصر تحمل إسم الجمهورية العربية المتحدة وظل الشعب السوري يرسل برسائله إلى عبد الناصر لأنها كانت تراه الرئيس المتوج لوطننا العربي رغم الانفصال وخلال الخمسين عاما التي تلت الانفصال عانى الشعب السوري من حكم ديكتاتوري لا مثيل له فأرتكب النظام الحاكم في سوريا بقيادة حافظ الأسد مجازر لا مثيل لها ضد الشعب السوري وقتل آلاف السوريين في مجزرة حماه وزج بألاف أخرى في سجون فاقت تلك السجون التي أقامها النازي في المانيا ولم يكتفي بهذا بل باع هضبة الجولان السورية لإسرائيل وهو ما اعترف به مدير مكتب السادات وصديقه المقرب د. محمود جامع وكان من الطبيعي أن ينتفض الشعب السوري ضد هذا النظام الديكتاتوري العميل وحدث هذا الانقلاب الذي قاده احمد الشرع والذي ينتمي إلى أحد الفصائل الإسلامية وكان طبيعيا أن يخرج الشعب السوري لتأييد النظام الجديد وبدلا من أن تقف مصر الشقيقة الكبرى لسوريا وترسل ممثلين لها لمعرفة توجهات النظام الجديد كما حدث هذا في العديد من الدول العربية وعلى رأسها السعودية وقطر والبحرين شن النظام المصري وكتائبه الإلكترونية حملة شعواء على النظام الجديد خوفا أن يمتد هذا التغيير إلى مصر نظرا للارتباط الوثيق بين البلدين واتهمت النظام الجديد بالعمالة لإسرائيل رغم أن الواقع يؤكد أن إسرائيل استغلت الفراغ الذي حدث في سوريا ودمرت البقية الباقية في الجيش السوري وانتهكت سيادة سوريا كما اعتقل النظام المصري شباب السوريين الذي خرج في شوارع القاهرة ابتهاجا بسقوط النظام القديم وكأن السوريين ليس لهم الحق في الابتهاج برحيل هذا النظام المستبد بل إن النظام الجديد في سوريا استنكر بعض الأصوات التي هاجمت النظام المصري واعتقال العديد منهم رغم الشكوك التي تحوم حول هوية هؤلاء الأشخاص والذين ربما يكونوا مجندين من أقلام مأجورة أو من عملاء الموساد الإسرائيلي لإحداث الوقيعة بين البلدين وتطور الأمر من بعض اللجان الإلكترونية التابعة للنظام للمطالبة بترحيل السورين ومقاطعة محالهم وتحطيم متاجرهم فهل هذا اخلاق المصريين واني أتساءل لماذا لم ينتقد هؤلاء تفريط مصر في مياه النيل حتى استكملت اثيوبيا من بناء السد والإضرار بمصر والسودان ولماذا لم يتحدث هؤلاء عندما احتلت إسرائيل محور فيلادلفيا والذي يعد انتهاكا لاتفاقية كامب ديفيد ولماذا لم يتحدث هؤلاء عندما استوردت الغاز من إسرائيل رغم أن مصر مكبلة بالديون وتشكل دعما للاقتصاد الإسرائيلي ولماذا لم تجمد مصر اتفاقية كامب ديفيد وتقطع العلاقات مع الكيان الصهيوني إذا كان الدخول في في مواجهة عسكرية مع إسرائيل مستحيلا وما ذنب الشعب السوري الذي جاء إلى مصر يبحث عن لقمة العيش وأقام العديد من المشروعات التي دعمت الاقتصاد المصري وبدلا من دعمه يجرى معاقبته وفي النهاية لا املك أن أوجه تلك الرسالة إلى النظام المصري والى تلك الشرنعة التي لا تنتمي إلى قيم وأخلاقيات شعبنا الأصيل وأقول لهم اتقوا الله في السوريين فهؤلاء اخوة لنا وستبقى مصر وسوريا دولة واحدة وشعبا واحدا وافق من وافق وأبى من أبى لأن تلك إرادة الله الذي جعل مصر وسوريا سندا دائما للعرب والمسلمين عاشت مصر وسوريا دولة واحدة وسقط الخونة والعملاء الذين أرادوا بث الفرقة والتشرذم لصالح أعداء العروبة والإسلام . .
مصطفى عمارة