سيستان وبلوشستان تنتفض: الشعب يواجه تهريب الحرس الثوري

0

 

بقلم:شهريار كيا، باحث إيراني في الشؤون السياسية

احتجاجات شعبية ضد فساد الحرس الثوري
في خطوة جريئة تعكس غضب الشعب الإيراني من الفساد والقمع، أغلق سكان الحدود في محافظة سيستان وبلوشستان طريق ميرجاوة-روتاك، محتجين على مخططات تهريب الوقود التي يديرها الحرس الثوري الإيراني بالتعاون مع بعض زعماء القبائل. في 13 سبتمبر 2025، أفادت حملة نشطاء البلوش أن السكان المحليين أحرقوا الإطارات وأغلقوا الطرق، مما أجبر ناقلات الوقود التابعة لزعماء القبائل على التراجع. هذه الاحتجاجات، التي اندلعت في مساء 12 سبتمبر، جاءت كرد فعل على مشروعات الحرس الثوري مثل «ناقلات الوقود» و«التعاون»، التي تهدف إلى الالتفاف على العقوبات الدولية وتهريب الوقود إلى باكستان، مستغلة موارد المنطقة على حساب سكانها .
أكد السكان المحليون أن الحرس الثوري يمنع الناقلين المستقلين من نقل الوقود، بينما يحتكر هذه التجارة بالتعاون مع زعماء قبليين، مما يحرم المواطنين من مصدر رزقهم التقليدي. في مواجهة هذا الظلم، أعلن المتظاهرون أنهم لن يسمحوا بمرور الناقلات المرتبطة بهذه المخططات، وأفادت التقارير أن هذه الناقلات اضطرت للتراجع، تاركة الوضع تحت سيطرة السكان. هذه الاحتجاجات تكشف عن تصاعد الغضب الشعبي ضد الفساد والاستغلال الذي يمارسه النظام الإيراني، وتبرز مقاومة المواطنين في واحدة من أفقر محافظات البلاد .
تهريب الوقود: نهب منظم تحت غطاء العقوبات
يُعتبر نقل الوقود مصدر رزق تقليدي لسكان الحدود في سيستان وبلوشستان منذ عقود، حيث كانت الحكومة أحيانًا تبيع الوقود بأسعار مرتفعة لبعض الناقلين لتوصيله إلى باكستان وأفغانستان. لكن مع تشديد العقوبات الدولية، سعى الحرس الثوري إلى «السيطرة الكاملة على هذه الدورة وتجميع الأرباح»، من خلال مشروعات مثل «رزاق»، «ناقلات الوقود»، وأخيرًا «التعاون». في هذا النظام، يُمنع الأفراد من نقل الوقود بشكل مستقل، ويُطلب من أصحاب الناقلات والمركبات العمل كـ«مستأجرين»، حيث ينقلون الوقود إلى نقاط حدودية مخصصة، يسلمونها لوكلاء الحرس الثوري، ولا يحصلون سوى على أجور النقل .
وفقًا لحملة نشطاء البلوش، يُدار مشروع «التعاون» تحت قيادة أحد قادة الحرس الثوري بالتعاون مع عدد من زعماء القبائل البلوشية. يُطلب من ناقلي الوقود في هذا المشروع، رغم كل المخاطر، تسليم الوقود إلى نقاط يحددها الحرس والزعماء القبليون مقابل «أرباح هزيلة»، بينما تظل عمليات النقل إلى باكستان والمبيعات النهائية تحت سيطرة الحرس. هذا النظام لا يحرم السكان المحليين من مصدر رزقهم فحسب، بل يعرضهم للخطر، حيث قتلت القوات العسكرية أو جرحت أكثر من ألف ناقل وقود بلوشي خلال السنوات السبع الماضية، مما يكشف عن الطبيعة القمعية لهذه المخططات .
أزمة اقتصادية واجتماعية في سيستان وبلوشستان
تعاني سيستان وبلوشستان، إحدى أفقر محافظات إيران، من إهمال منهجي من قبل النظام، حيث تفتقر إلى البنية التحتية الأساسية، مثل المياه النظيفة، الكهرباء، والخدمات الصحية. يعتمد العديد من السكان على نقل الوقود كمصدر دخل رئيسي في ظل غياب فرص العمل الأخرى. ومع ذلك، يواصل الحرس الثوري استغلال هذه المنطقة لتحقيق أرباحه الخاصة، متجاهلاً معاناة السكان ومفاقمًا للأزمة الاقتصادية والاجتماعية. هذه السياسات تكشف عن نهج النظام في تحويل الموارد الوطنية إلى أدوات للقمع والاستغلال، بدلاً من دعم المجتمعات المحلية .
احتجاجات سكان الحدود ليست مجرد رد فعل على تهريب الوقود، بل تعبير عن غضب أعمق ضد نظام ينهب ثروات البلاد ويترك مواطنيه في فقر مدقع. هذه الاحتجاجات تسلط الضوء على التناقض بين ادعاءات النظام بالدفاع عن «المصالح الوطنية» وسياساته التي تدمر سبل عيش المواطنين، خاصة في المناطق المهمشة مثل سيستان وبلوشستان. إن شجاعة السكان في مواجهة الحرس الثوري، رغم المخاطر الهائلة، تؤكد تصميمهم على المقاومة واستعادة حقوقهم .
المقاومة الشعبية: صوت الحرية يتصاعد
في ظل هذه الأزمات، يواصل الشعب الإيراني تحديه للنظام عبر حراكه الشعبي داخل البلاد وخارجها. في 6 سبتمبر 2025، شهدت بروكسل تظاهرة حاشدة ضمت عشرات الآلاف من الإيرانيين، أعلنوا فيها دعمهم لـ«الخيار الثالث» الذي تقوده مريم رجوي، رئيسة المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، والذي يدعو إلى تغيير النظام بقيادة الشعب ومقاومته المنظمة. هذا الزخم يمتد إلى تجمع عالمي آخر ينظمه الإيرانيون الأحرار من أكثر من 40 ولاية أمريكية، بدعم من شخصيات بارزة، أمام الأمم المتحدة في ساحة داغ همرشولد يومي 23 و24 سبتمبر 2025. التظاهرة، التي تنظمها منظمة الجاليات الإيرانية–الأمريكية والمجلس الوطني للمقاومة، تهدف إلى إدانة حضور رئيس النظام مسعود بزشكيان، صاحب أعلى معدل إعدامات عالميًا وراعي الإرهاب الحكومي، ورفع شعارات واضحة: «لا للاسترضاء، لا للمشروع النووي، لا للحروب الخارجية، ونعم لتغيير النظام» .
هذه التظاهرة تمثل فرصة تاريخية لإيصال صوت الشعب الإيراني، بما فيه سكان سيستان وبلوشستان، إلى العالم. إنها ليست مجرد احتجاج، بل رسالة قوية ترفض الاستبداد، الفساد، والقمع، وتدعو إلى إقامة جمهورية ديمقراطية علمانية. المقاومة الإيرانية تدعو الأحرار والقوى المحبة للحرية للمشاركة في هذا الحدث، مؤكدة أن إرادة الشعب الإيراني ستنتصر في مواجهة نظام ينهب ثرواته ويخنق آماله. هذا الحراك، سواء من خلال احتجاجات سكان الحدود في سيستان وبلوشستان، احتجاجات العمال والشباب في مدن أخرى، أو التجمعات العالمية، يكشف عن أزمة النظام العميقة ويؤكد أن التغيير الديمقراطي بات وشيكًا .
سيستان وبلوشستان: رمز المقاومة الشعبية
إن احتجاجات سكان سيستان وبلوشستان ليست حدثًا معزولًا، بل جزء من موجة مقاومة شعبية متصاعدة في إيران. شجاعة هؤلاء السكان في مواجهة الحرس الثوري، رغم العنف الذي يواجهونه، تُظهر تصميم الشعب الإيراني على استعادة حقوقه. هذه الاحتجاجات تكشف عن فشل النظام في احتواء الغضب الشعبي، حيث يواصل استغلال الموارد الوطنية لتحقيق مكاسب سياسية وعسكرية، تاركًا المواطنين في فقر وقمع. إن سيستان وبلوشستان، بمقاومتها العنيدة، أصبحت رمزًا للنضال من أجل العدالة والكرامة في إيران .

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

الاسطورة تويتر _ الاسطورة الجديد _ العمدة سبورت _ ترددات القنوات _ سعر الدولار اليوم